في العلاقات العاطفية أو المهنية أو حتى العائلية، قد نصطدم أحيانًا بسلوك يجعلنا نشك في أنفسنا، نعيد التفكير في ذاكرتنا، بل ونشعر بالارتباك حيال ما هو حقيقي وما هو متخيل.
هذا النوع من التلاعب يُعرف بـ"التلاعب النفسي" أو Gaslighting، وهو أحد أخطر أشكال السيطرة العاطفية التي تهدف إلى زعزعة إدراكنا للواقع.
وما يجعل التلاعب النفسي مؤذيا بشكل خاص هو أنه لا يُمارس عبر صراخ أو عنف مباشر، بل يُبنى بهدوء من خلال كلمات تبدو "بريئة"، لكنها تحمل رسائل تخترق ثقتك بذاتك.
إليك أربع عبارات شهيرة يستخدمها من يمارس هذا النوع من التلاعب، وطريقة الرد عليها بوعي وثقة.
ما تعنيه العبارة: محاولة لجعل مشاعرك تبدو مبالغا فيها، والتقليل من وقع الأذى.
مثال شائع: عندما تعاتبين شريكك لأنه أحرجك أمام الآخرين، يرد بابتسامة ساخرة:
ما كل هذا؟ أنتِ تبالغين، كان مجرد مزاح!
كيف تردين: من حقي أن أشعر بما أشعر به. مجرد أنه لم يُؤذِك لا يعني أنه لم يؤذِني.
لماذا هذا الرد فعّال؟ لأنه يضع حدودا واضحة ويعيد الاعتبار لمشاعرك دون الدخول في جدل فارغ.
ما تعنيه العبارة: تقويض ذاكرتك والتشكيك في ما تتذكرينه بوضوح.
مثال شائع: تطالبين مديرك بوعد سابق بترقية، فينكر الأمر تماما قائلا: أعتقد أنكِ تخلطين الأمور، لم أعدك بشيء.
كيف تردين: أتذكر تماما ما قيل، وإذا كان هناك سوء فهم، يمكننا مناقشته، لكنني واثقة مما سمعته.
لماذا هذا الرد فعّال؟ لأنه لا يعطي مساحة لإنكار الواقع، ويعيد الحوار إلى أساسه المنطقي.
ما تعنيه العبارة: عزلك عن الآخرين، وإشعارك بأنك وحدك في الموقف.
مثال شائع: عندما تعبّرين عن استيائك من تجاهل العائلة لك، ترد شقيقتك: كلنا نرى أنك تتوهمين، مشكلتك أنك دائما درامية.
كيف تردين: ما لم يخبرني الآخرون بذلك بأنفسهم، لا يمكنني افتراض ما يشعرون به. أنا أحدثك عن شعوري، وهذا يستحق الإنصات.
لماذا هذا الرد فعّال؟ لأنه يُفشل محاولة الإقصاء الجماعي ويُعيد التركيز على مشاعرك الفردية التي لها وزن.
ما تعنيه العبارة: تقليل من أهمية قلقك، ورفض الحديث عن مشكلاتك الفعلية.
مثال شائع: تلاحظين فتورًا من شريكك وتصارحينه، فيرد: كل شيء بخير، توقفي عن التحليل الزائد.
كيف تردين: أنا أقول هذا؛ لأن الأمر يهمني. تجاهله لا يعني أنه غير موجود.
لماذا هذا الرد فعّال؟ لأنه يعكس وعيك بمشاعرك، ويرفض أسلوب التجاهل المتعمد.
إذا شعرتِ بأن شيئًا ما غير مريح، لا تهمليه؛ لأن الآخر يقلّل من شأنه.
في علاقات العمل أو أي علاقة تتكرر فيها هذه المواقف، سجّلي ما يُقال لك واحتفظي برسائل أو ملاحظات.
إذا شعرتِ أن هناك من يستخف بمشاعرك باستمرار، ضعي حدا واضحا لهذا التعامل.
وجود شخص خارجي يساعدك على استعادة البوصلة الداخلية وتقييم الواقع بشكل متوازن.
التلاعب النفسي ليس مجرد خلاف عابر، بل هو سلوك منهجي يهدف إلى إضعافك. لكن بمجرد أن تتعرفي عليه وتفهمي آلياته، يصبح بإمكانك الدفاع عن نفسك بكلمات بسيطة، لكنها قوية ومؤثرة. كوني يقظة، وامنحي مشاعرك الاحترام الذي تستحقه، مهما حاول الآخرون التقليل منها.