في لحظات تبدو فيها العلاقة هادئة من الخارج، خالية من الخلافات أو الانفعالات، قد يختبئ في العمق شعور صامت بالاغتراب.
أن تجلس مع شريكك، تتبادلان الأحاديث اليومية، تضحكان في الوقت المناسب، وتتبادلان المجاملات، لكن شيئًا ما يبدو ناقصًا؛ وكأن أحدكما – أو كلاكما – غير حاضر بالكامل.
ما قد تجهله هو أن ما ينقص اللحظة قد لا يكون في الأحداث أو الكلمات، بل في غياب ذاتك الحقيقية عن العلاقة.
كما يُصاب البعض بالاحتراق الوظيفي، فإن الاحتراق العاطفي في العلاقات هو حالة من الإجهاد النفسي والخذلان المتراكم، تحدث عندما تصطدم توقعاتك من العلاقة أو من الشريك بواقع متكرر من الإحباط.
مع الوقت، تتراكم مشاعر التعب، وينمو الاستياء، وبدلًا من أن تكون "أنت"، تبدأ بلعب دور معيّن فقط للحفاظ على الهدوء الظاهري.
لكن الحل لا يكمن دائمًا في مزيد من المحادثات أو الهروب إلى عطلة رومانسية... بل في العودة إلى جوهر بسيط وفعّال: أن تكون نفسك الحقيقية في العلاقة.
دراسة نُشرت عام 2025 في مجلة Current Psychology أظهرت أن الأزواج الذين يعبّرون عن ذواتهم الحقيقية بشكل منتظم، يعانون بدرجة أقل من الاحتراق العاطفي – حتى في ظل ضغوط الحياة اليومية مثل تربية الأطفال أو الضغوط المالية.
ما تفعله الأصالة هنا هو أنها توقف ما يُعرف بـ"التناغم التمثيلي"، حيث يظهر الشريكان وكأنهما على وفاق، بينما يخفي كل منهما صراعاته الحقيقية. هذه المسافة بين الداخل والخارج تولّد توترًا دائمًا، وتأخذ من طاقة الفرد دون أن يشعر.
الخوف من النزاع، من الرفض، أو من أن يُنظر إليهم على أنهم ضعفاء، يدفع الكثيرين إلى إخفاء ما يشعرون به فعليًا. لكن هذه المشاعر لا تختفي، بل تعود على شكل دفاعي، أو انفعالات غير مفسّرة، أو صمت ثقيل. والنتيجة؟ شريك يعيش معك دون أن يعرفك حقًا.
أما حين تبدأ بمشاركة ما تشعر به فعلًا – حتى لو كان أمرًا بسيطًا – فإن العلاقة تبدأ في التحوّل. فمجرّد أن تشعر بأنك مقبول كما أنت، مفهوم في ضعفك وتعبك، يُحرر داخلك طاقة جديدة من القرب والثقة.
أن تكون على طبيعتك في العلاقة لا يعني أن تبوح بكل شيء دفعة واحدة، بل أن تبدأ خطوة بخطوة بإعادة الوصل بين ما تشعر به داخليًا وما تعبّر عنه خارجيًا. ففي عالم يتطلب منا الأداء المستمر، قد تكون الهدية الأثمن التي تقدمها لشريكك... هي حقيقتك.