لا شيء يُربك الأم مثل صراخ طفلها المتكرّر، خصوصًا حين لا يكون الجوع أو التعب أو الألم سببًا واضحًا.
بين بكاءٍ لا ينقطع، وصوتٍ يرتفع بلا مقدمات، تقف الأم حائرة: هل طفلي غاضب؟ هل يعاني من مشكلة نفسية؟ أم أن هذا الصراخ مجرد وسيلة للتعبير والبحث عن الانتباه؟
وبينما تبدو هذه التصرفات مرهقة، إلا أن خلف هذا الصوت المرتفع قد تكون هناك رسالة يحاول طفلك إيصالها بلغته الخاصة.
عند الأطفال الصغار، لا يزال التعبير اللفظي محدودًا، لذا يلجأون للصراخ كوسيلة بديلة للتواصل. قد يصرخ الطفل حين يكون جائعًا، متعبًا، متوترًا، أو ببساطة حين يرغب بجذب انتباهك. ومع الوقت، يدرك أن صوته العالي يُحدث ردّ فعل، فيتمسك بهذه الوسيلة.
في بعض الحالات، يكون الصراخ ردّ فعل طبيعي على مشاعر الغضب أو الإحباط. فحين لا يتمكن الطفل من تنفيذ ما يريد، أو يُمنع من شيء يحبه، يتصاعد التوتر بداخله، فينفجر بالبكاء أو الصراخ.
وهنا لا بد من التمييز بين "نوبة غضب" وبين "حاجة للتواصل". الغضب غالبًا ما يكون مصحوبًا بسلوكيات أخرى مثل الضرب أو رفض التهدئة، بينما التواصل يحمل في طياته رغبة بالارتباط وليس بالرفض.
قد لا يكون الصراخ سوى وسيلة بدائية للقول: "انظري إليّ"، أو "أحتاجك الآن". فالصوت المرتفع قد يكون استدعاءً للحضور، لاهتمامك، لابتسامتك، أو لطمأنتك. هذه الصيحات أحيانًا ليست سوى محاولة لبناء الجسر العاطفي معك، خاصة عندما يشعر الطفل بالوحدة أو التهميش، حتى لو كان وسط الناس.
إليك طرق تجعلك تتعاملين مع طفلك بهدوء ووعي أكبر:
البقاء هادئة: الاستجابة بانفعال ستزيد من حدة الموقف. حاولي أن تكوني نموذجًا للهدوء.
إذا استمر الصراخ بشكل متكرر ومبالغ فيه، ورافقه سلوك عدواني أو انسحاب اجتماعي، فقد يكون من المفيد استشارة اختصاصي نفسي للأطفال. أحيانًا يكون الصراخ علامة على صعوبات حسية أو اضطرابات في التواصل تحتاج إلى دعم متخصص.
في النهاية، لا أحد يعرف طفلك أكثر منك، ولا صوت يستطيع تهدئته كما يفعل صوتك. تذكّري دومًا أن خلف كل صرخة، حاجة تنتظر من يفهمها، وطفل صغير يبحث عنك أكثر مما تظنين.