header-banner
أمومة

هل الإفراط في الحماية يُضعف الطفل؟

أمومة
إيمان بونقطة
12 أبريل 2025,8:02 ص

ما إن يولد الطفل، حتى تصبح سلامته أولوية مطلقة لدى والديه. نراقب أنفاسه في نومه، نحذر خطواته الأولى، نرتّب له عالما آمنا خاليا من المفاجآت.

كل ذلك بدافع الحب. ولكن، ماذا لو تحوّل هذا الحب إلى خوف؟ وماذا لو باتت الحماية الزائدة تقف حجر عثرة في طريق نمو الطفل واستقلاليته؟

سؤال بدأ يفرض نفسه بإلحاح مع ازدياد عدد الآباء الذين يعتمدون أسلوب "التربية المفرطة الحماية"، دون أن يدركوا أن النية الطيبة قد تحمل آثارا جانبية على المدى البعيد.

حين تكون الحماية عائقا أمام التجربة

fc78bb92-1f62-4281-80ee-b40e7ce45017

الإفراط في الحماية لا يعني فقط منع الطفل من تسلّق الشجرة أو ركوب الدراجة، بل يتعدى ذلك إلى التدخّل الدائم في قراراته، حل مشكلاته بدلاً عنه، ومراقبة كل تفصيلة في يومه بدعوى "الخوف عليه". 

بمرور الوقت، يكبر الطفل وهو لا يعرف كيف يثق بنفسه، كيف يتخذ قرارا، أو كيف يتعامل مع الإحباط والفشل.

ويشبّ هذا الطفل وقد ترسّخ لديه اعتقاد خفي: "العالم مكان مخيف وأنا غير قادر على مواجهته وحدي"، وهو اعتقاد قد يلازمه حتى سنوات الرشد.

ما الذي تقوله الأبحاث؟

في دراسة نُشرت في Journal of Child and Family Studies عام 2013، وجد الباحثون أن طلاب الجامعات الذين نشأوا في بيئات مفرطة الحماية أظهروا مستويات أعلى من القلق والاكتئاب، مقارنة بزملائهم الذين تربوا على قدر من الاستقلالية.

وأشارت النتائج إلى أن الإفراط في الحماية قد يقلّل من قدرة الأبناء على اتخاذ قراراتهم الخاصة، ويُضعف مهارات التكيّف لديهم في مواجهة التحديات اليومية.

وهو ما أكدته الباحثة هولي شيف في مقابلة منشورة على موقع julienflorkin.com بقولها: "الطفل الذي لا يُسمح له بخوض المخاطر البسيطة وهو صغير، لن يعرف كيف يدير المخاطر الأكبر حين يكبر".

أخبار ذات صلة

حين يصبح الطفل ملجأً عاطفيًا لوالدته

الحماية الحقيقية.. ليست في إلغاء الخطر، بل في بناء المناعة

ليست التربية مسؤولية الحماية فقط، بل مسؤولية الإعداد. المطلوب من الأهل ليس خلق بيئة معقّمة، بل إعداد الطفل لمواجهة الحياة بما فيها من صعوبات.

الحماية الحقيقية لا تعني أن نسير أمام أطفالنا ونُزيح كل حجر من طريقهم، بل أن نسير بجانبهم ونعلمهم كيف يواجهون الأحجار حين يقابلونها وحدهم.

حين يواجه الطفل مواقف صغيرة بمفرده، كأن يتحدث مع البائع، أو يحل خلافا مع صديق، أو حتى يربط حذاءه دون مساعدة، فهو يبني أدواته النفسية، حجرا فوق حجر، ليصبح يوما ما شابا قادرا على الصمود.

الاعتدال هو السر

بين الإهمال والإفراط، تقف التربية المتوازنة. فلا نترك الطفل وحده في بحر الحياة دون مجداف، ولا نحمله على ظهورنا حتى يفقد القدرة على السباحة.

يمكن أن نحبّ أبناءنا حبا عميقا دون أن نكبلهم، يمكننا أن نحميهم دون أن نمنعهم من اكتساب المهارات التي ستمكنهم من النجاة لاحقا.


الخوف غريزة أبدية لدى الأمهات والآباء، ولكن الشجاعة أن نثق بأطفالنا، أن نمنحهم فرصة التعلم، حتى إن كانت محفوفة بالتعثر أحيانا.

فالحياة لا تمنح مناعة مكتسبة، بل تُبنى هذه المناعة من التجربة، من المحاولة، من أن يقع الطفل مرة ثم ينهض. وهنا، فقط، نكون قد أدينا رسالتنا كآباء وأمهات.

أخبار ذات صلة

هل يؤثر تقاسم السرير مع الطفل على تطوره النفسي؟

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo