header-banner
تربية الطفل

لماذا يصعُب على أطفالنا الانتظار؟

أمومة
إيمان بونقطة
8 يونيو 2025,8:00 ص

من الصعب تجاهل الشكاوى اليومية التي تصدر عن الأطفال حين يُطلب منهم الانتظار: "متى ستجهزين الطعام؟"، "كم بقي حتى نذهب؟"، أو تلك اللحظات المتوترة في طابور الآيس كريم، حيث يبدو الانتظار وكأنه مهمة مستحيلة.

هذه الملاحظة ليست حكرًا على أسرة دون أخرى، بل هي ظاهرة عالمية، تناولتها أستاذة علم النفس في جامعة روتجرز، فانيسا لوبو، في مقالة نُشرت حديثًا على موقع Psychology Today، موضّحةً الأسباب النفسية والثقافية التي تجعل من الانتظار تحديًا حقيقيًا للأطفال، والحلول الممكنة لتجاوز هذا التحدي.

الانتظار مهارة قابلة للتعلّم

f0587b97-2332-418f-a17f-f329ad2caca3

يُعتبر الانتظار من المهارات المرتبطة بتأجيل الإشباع، وهي قدرة الطفل على تأخير الحصول على ما يريد الآن من أجل مكافأة لاحقة.

هذه المهارة لا تُولد مع الطفل، بل تُبنى مع التجربة والتوجيه. وتُظهر الدراسات أن الأطفال في سن ما قبل المدرسة يعانون بالفعل من هذه المهمة، كما وثّقت التجربة الشهيرة المعروفة باسم اختبار المارشميلو، حيث طُلب من الأطفال الانتظار للحصول على مكافأة أكبر وفشل الغالبية في المقاومة.

الثقافة تصنع الفرق

ما يجعل المسألة أكثر إثارة هو ما كشفته الأبحاث المقارنة بين الثقافات. ففي دراسة نُشرت عام 2018، قارَن الباحثون بين أطفال من ألمانيا وأطفال من قبيلة "نْسو" في الكاميرون.

أظهر الأطفال الألمان صعوبة واضحة في الانتظار، وكانوا بحاجة إلى استراتيجيات للسيطرة على أنفسهم.

أما أطفال "نْسو"، فقد أبدوا قدرة عالية على الصبر، بل إن بعضهم غفا أثناء الانتظار. يُعزى ذلك إلى طبيعة التنشئة الاجتماعية في تلك الثقافة، حيث يُتوقع من الأطفال منذ سن مبكرة التحكّم في مشاعرهم وتلبية التوقعات المجتمعية بهدوء.

أخبار ذات صلة

تأثير الأحكام المجتمعية على طريقة تربية الأمهات لأطفالهن

ليس فشلًا.. بل نقص في الممارسة

ربما يظن البعض أن هذه الفروقات تعني أن بعض الأطفال "أفضل" بالفطرة من غيرهم، لكن الأمر ليس بهذه البساطة.

ففي دراسة أخرى نُشرت عام 2022، أُجري اختباران للأطفال في اليابان والولايات المتحدة: أحدهما تضمن الانتظار أمام حلوى، والآخر تضمن الانتظار لفتح هدية مغلفة.

جاءت النتائج مثيرة؛ فالأطفال اليابانيون تفوقوا في مهمة الانتظار أمام الحلوى، بينما أظهر الأطفال الأميركيون صبرًا أكبر في انتظار فتح الهدايا. التفسير؟ الأطفال يتجاوبون مع ما تعوّدوا عليه في بيئتهم.

كيف نعلّم أطفالنا الانتظار؟

تشير كل هذه النتائج إلى أن تعليم الأطفال الصبر ليس مستحيلاً، بل هو مسألة تكرار وممارسة وتشكيل بيئة تدعم هذا السلوك.

إذا أردنا أن يصبح الانتظار جزءًا من حياتهم اليومية، فعلينا جعله مألوفًا. الانتظار لوقت الطعام، الانتظار للدور، وحتى الانتظار لفتح هدية، كلها فرص صغيرة لكنها فعّالة في بناء هذه المهارة.

 

الصبر لا يأتي وحده، لكنه يأتي حين يُطلب من الطفل الانتظار مرارًا، ضمن سياق واضح ومحفّز. يحتاج الأطفال إلى رؤية أن الانتظار ليس عقوبة، بل طريق إلى مكافأة أجمل.

أخبار ذات صلة

سحر الأمومة الصامت.. رسالة حب لكل أم

 

footer-banner
foochia-logo