العائلة تُقدَّم لنا كملاذ، كأمان فطري لا يُشترى ولا يُعوّض. لكن ماذا لو كان هذا الملاذ هو ذاته مصدر الضغط؟
ماذا لو كان الشقيق، الذي يُفترض أن يكون ظلك وسندك، هو من يحاصرك بالشعور بالذنب، أو يستنزف طاقتك بصمت لا يراه أحد سواك؟
العلاقات بين الإخوة ليست دائمًا كما تُصورها الصور العائلية. ففي بعض البيوت، تسكن خلف أبوابها مشاعر مُعقدة يصعب تسميتها: غيرة مقنّعة، تحكُّم مفرط، مطالب لا تنتهي، أو تجاهل جارح لا تفسير له.
ليست كل المشاحنات بين الإخوة مؤشرًا على علاقة غير صحية، فالخلاف طبيعي بين الأشخاص القريبين. لكن ثمة علامات لا يمكن تجاهلها، مثل:
أحيانًا يُلقى على أحد الإخوة عبء الصلح الدائم، أو المسؤولية العاطفية عن راحة الجميع. فيكبر هذا الأخ أو الأخت وهو يصدّق أن عليه أن "يتحمل"، وأن هذا هو ثمن الحب العائلي. لكن الحقيقة أن الحب لا يعني التضحية بالكرامة، ولا بالصحة النفسية.
القطيعة ليست دائمًا الخيار الأول، لكنها أحيانًا تكون الخيار الوحيد. في بعض الحالات، يكون وضع الحدود الصارمة هو نقطة البداية، وقد ينجح الطرفان في ترميم العلاقة مع الزمن.
لكن حين يتحول وجود الشقيق في حياتك إلى مصدر دائم للضيق والتوتر، فإن الحفاظ على مسافة قد يكون قرارًا صحّيًا، وليس جحودًا.
من المؤلم أن نعترف بأن العلاقة التي ولدنا فيها قد لا تكون مأوى لنا، لكن في المقابل، يمكن أن نعيد تشكيل مفهوم "العائلة" ليشمل من يعاملنا باحترام، ويعطينا الأمان.
أحيانًا يكون الأصدقاء، الشريك، أو حتى الزملاء الأقرب إلينا من الدم الذي وُلدنا به.
الحديث عن علاقات الإخوة غالبًا ما يُغلّف بالسكوت والإنكار. فالمجتمع لا يمنح مساحة كافية للاعتراف بأن أحد أفراد الأسرة قد يكون هو الجرح.
لكن الاعتراف لا يعني الكراهية، بل الشفاء. والحدود لا تعني القطيعة، بل الحفاظ على ما تبقى من احترام للنفس... وللعلاقة.