في لحظات القلق، لا نخاف فقط من الشعور نفسه، بل من الطريقة التي قد نتصرف بها تحت تأثيره.
نخشى أن يبدو سلوكنا مرتبكًا، أو أن تضعف قدرتنا على اتخاذ القرار، أو أن نفشل في التعامل مع المواقف اليومية المعتادة.
لكن الحقيقة أن القلق، رغم ثقله، لا يمنعنا من التصرف بذكاء، فقط يحتاج الأمر إلى أدوات ذهنية واضحة، ونهج مرن يساعدنا على استعادة السيطرة.
في ما يلي خطوات عملية تساعدك على الحفاظ على هدوئك الداخلي، واتخاذ قرارات صائبة حتى في أشد لحظات القلق، مستندة إلى رؤية الدكتورة أليس بويس، الباحثة في علم النفس ومؤلفة مقالات في Psychology Today.
كثيرًا ما نربط "السلوك السليم" بالكمال، وننسى أن اتخاذ قرار جيد لا يعني اتخاذ القرار الأمثل دائمًا. أحيانًا، مجرد محاولة بسيطة قد تكون تصرفًا حكيمًا، حتى لو لم تنجح. المهم أن تختار ما تراه منطقيًا في اللحظة، لا أن تصيب الهدف بدقة كل مرة.
حين تواجهك حيرة أو قلق، فكّر وكأنك أمام سؤال بأربعة خيارات، لا أكثر. قلّص البدائل وحدّد خطواتك كأنك تختار إجابة في امتحان. استبعد ما يبدو خاطئًا تمامًا، ثم اختر من بين المتبقي ما تراه مناسبًا الآن، ليس لأنك متأكد، بل لأنك قرّرت بعد تفكير.
عندما نعاني من قلق خفيف أو مستمر، لا يزال علينا إنجاز المهام. لكن التحدي ليس أن تكون في أفضل حالتك، بل أن تقوم "بأفضل ما يمكنك اليوم". خفّض سقف التوقعات قليلاً، وركّز على الأداء الواقعي لا المثالي.
في لحظات القلق، قد نغرق في لوم الذات وننسى أننا نملك أدوات داخلية قوية. ذكّر نفسك بقدراتك: هل أنت شخص مبدع؟ منظّم؟ سريع البديهة؟ هذه الصفات قد تكون نافذتك للخروج من التوتر، لا تقلل منها لأنها "لا تُشبه" الطرق التقليدية.
لدينا جميعًا مهارات نُتقنها إلى درجة أنها أصبحت تلقائية. حين تشعر بأن القلق يُربكك، قم بأي شيء مألوف، مهما كان بسيطًا: حضّر وجبة خفيفة، أنجز مهمة روتينية، أو قم بترتيب مساحة صغيرة. هذا السلوك المألوف يمنحك شعورًا بالثبات.
القلق يرهق العقل والجسم، ويؤثر على جودة النوم. لذلك، احرص على طقوس هادئة قبل النوم: خفف الإضاءة، ابتعد عن الشاشات، واسمح لنفسك بالاسترخاء. النوم الجيد لا يزيل القلق تمامًا، لكنه يمنحك قدرة ذهنية أفضل للتعامل معه.
وركّز على ما تفعله الآن. كثيرًا ما يعيد القلق فتح ملفات قديمة، ويدفعنا للشعور بالذنب تجاه تصرفات سابقة. لكن التركيز على الماضي لن يغير شيئًا. ما يهم هو أنك الآن تتصرّف بوعي. لا تحاول تعويض أخطاء الأمس دفعة واحدة، يكفي أن تُدرك أنك اليوم تتصرّف بحكمة أكثر.
القلق ليس عدوًا يجب أن تُقصيه لتتصرف بشكل سليم. بل هو رفيق ثقيل الظل أحيانًا، لكنه لا يمنعك من اتخاذ قرارات مدروسة أو من ممارسة حياتك. المفتاح هو أن تتعامل معه بمرونة، أن توظّف قدراتك الحقيقية، وأن تسمح لنفسك بأن تكون إنسانًا... لا آلة.