يشعر الكثيرون أحيانًا بأنهم لا يستحقون التقدير، مهما حاولوا أو اجتهدوا. إذا كنت قد مررت بهذا الشعور، فأنت لست وحدك. فالشعور بعدم الكفاية أو بانعدام القيمة الذاتية هو أمر شائع، لكنه أيضًا قابل للتحسن والتغيير.
وفقًا للجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، تُعرَّف القيمة الذاتية بأنها تقييم الشخص لذاته بوصفه إنسانًا قادرًا، ذا قيمة، ويستحق التقدير والاحترام. وهي تعكس إحساسًا داخليًا باستحقاق الحب والتقدير.
غالبًا ما نربط مفاهيم مثل "الاحترام" و"الحب" و"الاهتمام" بعلاقاتنا مع الآخرين، سواء كانوا أصدقاء أو أفرادًا من العائلة أو زملاء في العمل. لكن مفهوم "القيمة الذاتية" يتعلق بكيفية حبنا لأنفسنا واحترامنا لها وتقديرنا لذواتنا.
يُعد الشعور بالقيمة الذاتية عنصرًا أساسيًا في بناء الثقة بالنفس واحترام الذات. فالأشخاص الذين يتمتعون بإحساس إيجابي تجاه ذاتهم يمتلكون نظرة أكثر اتزانًا للحياة، وهم أقل عرضة للحكم القاسي على أنفسهم أو التركيز على أخطائهم ونقاط ضعفهم.
تؤكد الدكتورة سابرينا رومانوف، الأستاذة وعالمة النفس الإكلينيكي بجامعة يشيفا، أن القيمة الذاتية تؤثر في كل جانب من جوانب حياتنا: من علاقاتنا، إلى طريقة أدائنا في العمل، إلى نظرتنا لأنفسنا، بل وحتى في نظرة الآخرين لنا، وفقاً لموقع verywellmind.
تشير الدكتورة رومانوف إلى أن هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دورًا في تشكيل إحساسنا بقيمتنا الذاتية، منها:
لمساعدتك على تقييم مدى تقديرك لذاتك، تقترح رومانوف طرح هذه الأسئلة على نفسك:
الأشخاص الذين يتمتعون بقيمة ذاتية إيجابية يشعرون بالثقة بقدرتهم على مواجهة التحديات. يدركون أن لديهم مجالات يمكن تحسينها، لكنهم لا يسمحون لنقاط ضعفهم أن تُعرّف هويتهم. كما أن لديهم استعدادًا لخوض التجارب، ويثقون بقدرتهم على الإنجاز.
وتلعب القيمة الذاتية أيضًا دورًا في العلاقات. فالشخص الذي يُعامل معاملة سيئة، وكانت لديه قيمة ذاتية منخفضة، قد يلوم نفسه، بينما الشخص الواثق من ذاته يدرك أنه لا يستحق هذا النوع من المعاملة.
وبالتالي، فإن تعزيز الشعور بالقيمة الذاتية يساعد على وضع حدود صحية في العلاقات، وطلب الاحترام، والمطالبة به.
حسب دراسة أجريت العام 2017 ربطت بين الشعور الإيجابي بالقيمة الذاتية وارتفاع مستويات الرضا العام عن الحياة والصحة النفسية.
انخفاض القيمة الذاتية يرتبط بنظرة سلبية للذات وانعدام الثقة في القدرات. وهذا يؤدي إلى:
وقد أظهرت الدراسات أن انخفاض القيمة الذاتية يرتبط بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، والتي بدورها تؤدي إلى أعراض مثل المزاج المنخفض، القلق، الإرهاق، تغيّرات الوزن، اضطرابات النوم، وضعف التركيز.
إليك بعض النصائح التي قدمتها الدكتورة رومانوف:
ممارسة ما تحبه وتتفوق فيه يمنحك شعورًا بالكفاءة، ويذكّرك بمواهبك وقوتك؛ ما يعزز ثقتك بنفسك.
تُظهر الأبحاث أن النشاط البدني يعزز الشعور بالقيمة الذاتية. وكلما تجاوزت التحديات البدنية، ازدادت قناعتك بقدراتك.
تذكّر أن الأفكار ليست حقائق. كثير منها مجرد تحريفات ناتجة عن نقد داخلي أو ضغوط. عندما تنتابك فكرة سلبية، استبدلها بفكرة واقعية وإيجابية.
إذا شعرت أن تدني القيمة الذاتية يؤثر على حياتك العاطفية أو المهنية، ففكر في اللجوء إلى معالج نفسي. فقد يساعدك على رؤية الأمور من زاوية مختلفة وتوسيع أفقك.
الكثير من مشكلات البالغين تنبع من تجارب الطفولة. لذا، كن واعيًا في طريقة دعمك لأطفالك، امدح جهدهم وتصميمهم بدلًا من التركيز فقط على مظهرهم أو نتائجهم.
الشعور بالقيمة الذاتية ليس مجرد رفاهية نفسية، بل هو حجر الأساس الذي تُبنى عليه الثقة بالنفس والصحة النفسية السليمة. فالقيمة الذاتية تمنحنا البوصلة التي توجهنا نحو حياة أكثر توازنًا ورضى.