header-banner
تطوير الذات

فن الإصغاء إلى الذات في زمن ضجيج الحياة والآراء

تطوير الذات
إيمان بونقطة
23 أبريل 2025,9:00 ص

وسط الزحام المتسارع من المهام والمواعيد والتوقعات، نعتاد أن نُصغي لكل الأصوات من حولنا: صوت الهاتف حين يرنّ، صوت المدير حين يطلب، صوت الطفل حين يبكي، صوت المجتمع حين يُملِي ما يجب وما لا يجب…

لكن ماذا عن صوتنا نحن؟ ذاك الذي لا يُسمَع إلا حين يصمت كل شيء.

في زمن تُقاس فيه الإنتاجية بعدد الرسائل المرسلة، والخطوات المنجزة، نكاد ننسى أن الحياة لا تُقاس فقط بما نُنجزه، بل أيضًا بمدى قربنا من أنفسنا.

هل توقّفنا يومًا لنسأل: هل أنا مرتاحة؟ هل ما أفعله الآن يشبهني؟ هل قلبي مطمئن أو مُثقل؟

الإصغاء إلى النفس ليس ترفًا روحيًّا كما يُظن. بل هو فن عميق، يُنقذنا من الانجراف، ويُعيد ترتيب البوصلة حين تختلط الاتجاهات. أن نُصغي إلى أنفسنا هو أن نُعيد بناء علاقة قديمة، انقطعت دون أن نشعر، مع أصدق ما فينا.

لماذا نستمع للخارج أكثر من الداخل؟

c96e77ed-d017-4bc2-ab12-ab750ea92d76

كثيرًا ما نغرق في التفاصيل اليومية: قائمة مهام، ورسائل غير مقروءة، واجتماعات متلاحقة، ومناسبات اجتماعية لا نرغب بها... كل ذلك يملأ الوقت، لكنّه يترك الروح فارغة.

لا يعود لدينا مساحة لنفكّر في "كيف أشعر؟"، "هل هذا يناسبني فعلًا؟"، "لماذا أتصرّف بهذا الشكل؟".

الانفصال عن الذات لا يحدث فجأة، بل يتسلّل في العادات الصغيرة. حين نُسكت صوتنا الداخلي مرارًا، يتعلّم أن يصمت من تلقاء نفسه.

علامات أن صوتك الداخلي لم يعد مسموعًا:

  • تتخذين قرارات تُرضي الآخرين، رغم شعورك بالضيق.
  • تمرّين بلحظات ضياع لا تعرفين فيها ماذا تريدين فعلًا.
  • تشعرين بالتعب رغم أنك لم تبذلي مجهودًا جسديًّا كبيرًا.
  • تكررين الأخطاء ذاتها وكأنك لا ترَينها.

أخبار ذات صلة

الأم الكافية.. المفهوم الذي يُعيد للأمهات توازنهن الداخلي

كيف نُعيد الاتصال بأنفسنا؟

من السهل الحديث عن الصوت الداخلي وأهميته، لكن المرحلة الأهم هي خوض خطوات حقيقية لسماعه، إليك نقطة البداية:

الهدوء الخارجي هو البداية

خصّصي وقتًا كل يوم للجلوس بصمت. لا هاتف، لا موسيقى، لا مشتّتات. فقط أنتِ.

اكتبي بلا فلترة

الكتابة الحرة صباحًا أو قبل النوم تساعدك على اكتشاف ما يدور بداخلك. اتركي القلم يقول كل شيء.

اسألي ولا تنتظري الإجابة

لا تنتظري ردًا فوريًا. اسألي نفسك: "ما الذي أحتاجه الآن؟"، "هل أنا مرتاحة؟"، "ما الذي يُزعجني فعلًا؟"، ودعي الجواب يأتِ في وقته.

راقبي جسدك

أحيانًا، يتحدث الجسد بوضوح أكثر من العقل. تسارُع نبضك، ضيق التنفّس، انقباض المعدة... كلها رسائل.

ثقي بالحدس

ذلك الشعور الغامض الذي يخبرك أن شيئًا ما ليس مناسبًا، يستحق الاستماع. ربما يعرف أكثر مما تتوقعين.

 

وختامًا، إن الإصغاء للنفس هو فعل محبة للذات، فحين نُصغي إلى أنفسنا، لا نصبح أنانيين، بل نكون صادقين. نسمح لذواتنا أن تكون حاضرة، مرئية، ومُعترف بها. وهذا الاعتراف الداخلي، هو بداية كل تغيير حقيقي، وكل قرار نابع من عمق، لا من ضغط.

في النهاية، لا أحد يعيش بداخلك سواك. فامنحي هذا الصوت فرصة أن يُسمَع.

أخبار ذات صلة

عقلك ليس صديقك دائمًا.. طرق لتهدئة حوارك الداخلي

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo