header-banner
تطوير الذات

لماذا لا ينجح بعض المجتهدين رغم تفانيهم؟

تطوير الذات
إيمان بونقطة
17 أبريل 2025,9:00 ص

في عالمٍ يرفع راية الإنتاجية ويُمجّد الإنجاز ويكافئ الانشغال، بات الاجتهاد أشبه بجواز سفر نحو التقدير والفرص.

نكبر ونحن نسمع أن "من جدّ وجد"، فنُربّى على أن العمل الشاق هو السبيل الوحيد للوصول، وأن المثابرة هي صفة الكبار الذين يحرزون النجاحات.

ومن الطبيعي، بل المتوقع، أن نطمح لبذل أقصى ما لدينا، وأن نشعر بالفخر حين يُنظر إلينا كأشخاص موثوقين، لا يعرفون الكسل ولا يخذلون من يعوّل عليهم.

لكن، خلف هذا البريق الذي يحيط بصورة "الشخص المجتهد"، تكمن مفارقة صامتة: هل يمكن لهذا الإصرار على التفوق أن يتحوّل من محرّك للإنجاز إلى عائق خفي يثقل خطانا؟

الواقع أن الاجتهاد، رغم أنه فضيلة، لا يكفي وحده. بل أحياناً، قد يكون سبباً في استنزاف طاقتنا، وتشتيت أولوياتنا، أو حتى تعطيل تقدّمنا حين نستخدمه في غير محله.

فأن تعمل بجهد لا يعني دائماً أنك تعمل بذكاء. وقد يقع أكثر الناس التزاماً وضميراً في فخاخ لا يراها إلا بعد أن يرهقه الركض الطويل.

الوجه الآخر للاجتهاد

962d11e0-ad58-42a9-a032-7a80494c7504

في السطور التالية، نستعرض خمسة أخطاء شائعة يرتكبها أصحاب العمل الدؤوب. أخطاء لا تنبع من تقصير، بل من الحماسة الزائدة والرغبة في الإنجاز. وقد تجد نفسك في واحد منها دون أن تدري.

1. محاولة الإتقان قبل الأوان

في بدايات أي مشروع أو مهارة، ليس المطلوب هو الكمال، بل التعلم والمحاولة. البعض يبدأ بتعقيد الأمور باكرًا، فيُخطط لأدق التفاصيل قبل أن يختبر الأساسيات. كأن تشتري أدوات احترافية للطهي وأنت ما زلت تتعلم غلي الماء، أو تضع خطة تسويقية معقدة لتطبيق لم يحمّله سوى عشرة أشخاص. التسرّع في التحسين يصرفك عن الهدف الحقيقي في البداية: أن تتجرأ على المحاولة، لا أن تتقن منذ اللحظة الأولى.

2. استخدام العمل الجاد في كل المواقف

الاجتهاد أداة ثمينة، لكن ليس من الحكمة استخدامها دائمًا وفي كل مهمة. أحيانًا، يكون التراجع أو تبسيط الجهد هو الحل الأذكى.

فهناك قرارات لا تحتاج لكثرة التفكير، ومواقف تُحلّ من تلقاء نفسها إن تركنا لها المساحة.

حتى العقل يحتاج إلى لحظات من "اللا تركيز" ليجد الحلول بطريقة مبتكرة، كما يحدث حين يخطر لك الجواب أثناء الاستحمام، بعد ساعات من التفكير العقيم.

أخبار ذات صلة

علماء يكشفون علاقة الاستحمام بتدفق الأفكار والإبداع

3. التركيز على التفاصيل الصغيرة وتجاهل الصورة الكبرى

الركض خلف الكمال في الأمور البسيطة قد يسرق منك وقتًا وجهدًا كان من الأفضل استثمارهما في الأولويات. لا فائدة من تنظيم مكتبك بإتقان وأنت تهمل صحتك أو علاقتك الأسرية.

المجتهدون بطبيعتهم يميلون للانغماس في العمل، لكن هذا الانغماس قد يحجب عنهم مشاكل أكبر تحتاج إلى انتباههم.

4. رفض تفويض المهام أو إشراك الآخرين

الكثير من الأشخاص المجتهدين يشعرون بأنهم وحدهم القادرون على تنفيذ المهام كما يجب، فيتحمّلون أعباءً زائدة، ويرفضون إشراك زملائهم أو أفراد عائلاتهم. لكن تفويض المهام لا يعني بالضرورة التنازل عن الجودة، بل هو فرصة لبناء الثقة وتطوير مهارات الآخرين، وربما إيجاد وقت لأنفسنا للراحة أو الابتكار.

5. تجاهل العقبة الحقيقية والتركيز على زيادة الجهد فقط

حين تواجه صعوبة في إنجاز أمر ما، لا يعني ذلك دائمًا أنك بحاجة إلى بذل جهد أكبر. أحيانًا تكون المشكلة في عامل خارجي بسيط كعدم وجود وقت كافٍ، أو بيئة غير مساعدة، أو نقص في الأدوات. بدلًا من مضاعفة العمل، توقف واسأل نفسك: ما الذي يعيقني فعلاً؟ الحل قد يكون أسهل مما تتوقع.

 

العمل الجاد لا يفقد قيمته، لكنه يصبح أكثر تأثيرًا حين يُستخدم بذكاء. ليس المطلوب أن تخفف من شغفك أو أن تُقلل من التزامك، بل أن تختار معاركك بحكمة. اعرف متى تبذل جهدك الكامل، ومتى تترك الأمور تسير بسلاسة. المجتهد الذكي لا يعمل أكثر... بل يعمل بشكل أذكى.

أخبار ذات صلة

أهم دروس الحياة من أسطورة تطوير الذات توني روبينز

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo