في عالم يتحول بسرعة إلى التكنولوجيا الرقمية، ويظهر كل يوم شكل جديد من أشكال الاحتيال، يبدو أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ترف تقني، بل أصبح حليفكِ الذكي الأول لحماية بياناتكِ وهويتكِ من الاختراق.
فالتهديدات الرقمية لم تعد تستهدف فقط المؤسسات الكبرى، بل باتت تطال كل من يملك هاتفا ذكيا أو حسابا مصرفيا أو حتى بريدا إلكترونيا بسيطا.
فهل يمكن أن يحميكِ الذكاء الاصطناعي من الوقوع ضحية للاحتيال الإلكتروني؟
ما هو كشف الاحتيال باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
كشف الاحتيال بالذكاء الاصطناعي هو تقنية قادرة على التعلم من سلوكيات المستخدمين وتحليل الأنماط التي تبدو غير طبيعية أو خارجة عن المألوف.
فبدلا من الاعتماد على كلمات المرور أو الأسئلة التقليدية، بات النظام يتساءل: هل ما يحدث الآن يتماشى مع نوايا المستخدم الطبيعية؟ وإن لم يكن كذلك، يتدخل على الفور.
بعض التقديرات العالمية تشير إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي في مجال كشف الاحتيال سيصل إلى نحو 31 مليار دولار بحلول عام 2029. وهذا ليس بمحض الصدفة، فالشركات باتت تدرك أن الاعتماد على النظم التقليدية لم يعد كافيا، خاصة أن أكثر من 65% منها لا تزال غير قادرة على التصدي لهجمات "البوتات" البسيطة.
ومع دخولنا عام 2025، تطورت تقنيات الكشف من مجرد التمييز بين الإنسان والآلة، إلى تحليل النوايا والسلوكيات الدقيقة. وهذا هو ما يميز الأنظمة الذكية الجديدة: القدرة على الفهم لا الاكتشاف فقط.
جوانب إيجابية للذكاء الاصطناعي
لكن الصورة ليست وردية بالكامل. فالذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يستخدم في الكتابة والتصميم والصوت والصورة، بات أيضا أداة يستخدمها المحتالون. رسائل البريد الاحتيالية أصبحت أكثر ذكاءً وخالية من الأخطاء، وتقنية "التزييف العميق" تمكنهم من انتحال هويتكِ بالصوت أو الفيديو، وحتى ابتكار هويات كاملة تبدو واقعية تماما.
تخيلي أن تستلمي رسالة صوتية من زميلتكِ في العمل تطلب منكِ معلومات حساسة، وهي في الحقيقة مجرد روبوت ذكي يتقن كل التفاصيل!
لكن، لا تقلقي. كما يستخدم الذكاء الاصطناعي للاحتيال، يمكن توظيفه أيضا لمحاربته. فهذه النماذج الذكية قادرة على تحسين قدرتها في رصد أي سلوك مشبوه، وتوليد بيانات تدريب اصطناعية لتصبح أكثر دقة، بل وتحليل كميات هائلة من المعلومات للكشف عن أنماط خفية لا يمكن للعين البشرية ملاحظتها.
ما الذي يجعل الذكاء الاصطناعي خيارا استراتيجيا لحمايتكِ؟
أولا، سرعة الاستجابة، إذ يتم كشف محاولات الاحتيال في لحظات. ثانيا، القدرة على التوسع: يمكنه مراقبة ملايين العمليات دون تعب أو خطأ. ثالثا، تقليل التكاليف والخسائر المالية، ناهيكِ عن حماية سمعتكِ الرقمية، وهو أمر لا يقل أهمية. وأخيرا، تمنح هذه الأنظمة تجربة سلسة للمستخدم، دون تعطيل أو طلب إجراءات مزعجة.
الثقة بينكِ وبين العالم الرقمي تبدأ من الشعور بالأمان. والذكاء الاصطناعي، بتطوره ومرونته، يمنحكِ هذه الثقة.
فلا تنتظري وقوع الضرر لتدركي أهمية هذه التقنيات. حاولي من الآن أن تكوني أكثر وعيا، واعتمدي على الحلول الذكية التي تواكب هذا العصر المتسارع. لأنكِ ببساطة، تستحقين حماية تليق بذكائكِ الرقمي.
