هل شعرتِ يوماً بحرقة قوية بعد تناول وجبتك المفضلة، وجعلتك تتساءلين: هل هي مجرد حرقة معدة عابرة أم مؤشر على مشكلة صحية تحتاج زيارة الطبيب؟
الكثير من النساء يستخففن بهذه الأعراض ويعتبرنها شيئاً عادياً، لكن الحقيقة أن حرقة المعدة قد تخفي وراءها مشكلات صحية تستحق الانتباه والفحص الطبي.
حرقة المعدة هي أحد الأعراض الشائعة لارتجاع المريء، أو ما يُعرف بـ"الارتجاع الحمضي"، وتحدث عندما تتسرب أحماض المعدة إلى المريء.
في معظم الحالات، تكون الأعراض بسيطة ولا تستدعي القلق، إلا أن الألم قد يشتد أحيانًا لدرجة تشبه أعراض النوبة القلبية، مما يثير التساؤل: هل هي مجرد حرقة أم مشكلة صحية أكثر خطورة تكمن وراءها؟
عادةً لا يطلب الأطباء فحوصات معقدة إذا كانت الحالة واضحة وبسيطة، لكن هناك إشارات تحذيرية تستدعي الفحص الطبي المتقدم، مثل صعوبة البلع، وجود نزيف داخلي، أو استمرار الأعراض المزمنة رغم العلاجات.
عندما تصبح أعراض حرقة المعدة مقلقة أو مزمنة، يوصي الطبيب بإجراء فحوصات دقيقة لتقييم الحالة بدقة، وضمان تشخيص صحيح وخطة علاجية فعّالة.
يُعد التنظير الهضمي العلوي الفحص الأكثر شيوعاً في حالات الأعراض المقلقة. يتم إجراؤه تحت تأثير تسكين وريدي خفيف مع رش مخدر موضعي في الحلق لتقليل الانزعاج ومنع القيء.
بعد الانتهاء من مرحلة التسكين، يقوم الطبيب بإدخال أنبوب رفيع ومرن مزوّد بكاميرا وضوء، يُعرف بالمنظار، عبر الحلق للوصول إلى المريء والمعدة وبداية الأمعاء الدقيقة. ويسمح هذا الإجراء برؤية واضحة للبطانة الداخلية، ما يساعد على اكتشاف الالتهابات والتقرحات أو أي تضيق قد يعيق مرور الطعام، كما يمكن للطبيب أخذ خزعة نسيجية إذا لزم الأمر لمزيد من الفحوصات الدقيقة.
خلال هذا الفحص، يُطلب من المريضة شرب سائل يحتوي على مادة الباريوم، ثم تُلتقط سلسلة من صور الأشعة السينية لمنطقة الصدر والبطن العلوي. يعمل الباريوم كطبقة تباين، مما يجعل المريء والمعدة أكثر وضوحاً في الصور الشعاعية.
يساعد هذا الإجراء الأطباء على اكتشاف حالات مثل الفتق الحجابي، قرحة المريء، أو تضيق مجرى المريء. وإذا امتد التصوير ليشمل المعدة والأمعاء الدقيقة، يُطلق عليه اسم سلسلة الجهاز الهضمي العلوي، وهو فحص يوفر رؤية أعمق لتشخيص مشاكل الهضم والارتجاع الحمضي بدقة أكبر.
اختبار قياس حموضة المريء من الفحوصات الدقيقة التي يلجأ إليها الأطباء عندما تكون الأعراض غير واضحة، مثل السعال المزمن، بحة الصوت، أو آلام الصدر مجهولة السبب.
يتم هذا الفحص عبر إدخال مسبار رفيع من خلال الأنف، يُثبت بالقرب من الصمام السفلي للمريء، لتسجيل ارتجاع الحمض على مدى 24 ساعة متواصلة.
وتوجد نسخة أكثر تطوراً من هذا الفحص تعتمد على كبسولة لاسلكية صغيرة تُثبت داخل المريء، وتراقب مستوى الحموضة لمدة قد تصل إلى 48 ساعة. ويُستخدم هذا النوع خصوصاً عند المرضى الذين لا تتحسن أعراضهم رغم تناول أدوية مثبطات الحموضة.
يُستخدم اختبار قياس مقاومة المريء غالباً مع اختبار قياس الحموضة للحصول على صورة أوضح عن حالة المريض. فبينما يكتفي الفحص التقليدي برصد الارتجاع الحمضي، يكشف هذا الاختبار أيضًا حركة الطعام والغازات عبر المريء، مما يساعد الأطباء على تشخيص حالات الارتجاع غير الحمضي بدقة أكبر.
قد تظنين أن حرقة المعدة مجرد إزعاج مؤقت بعد تناول الطعام، لكن تجاهل الأعراض المستمرة قد ينعكس سلباً على صحتك وحياتك اليومية مع مرور الوقت.
الفحوصات الطبية تمنح الطبيب رؤية أوضح لحالتك الصحية، وتمكّنه من وضع خطة علاجية دقيقة تمنع المضاعفات. لذلك، إذا تكررت الأعراض أو ازدادت شدتها، فاستشارة الطبيب المتخصص تظل الخيار الأكثر أماناً بدل الاكتفاء بالعلاجات البسيطة.