في عالم اللياقة البدنية الذي بات يعج بالخيارات، تبرز تمارين البيلاتس واليوغا كخيارين مفضلين لدى النجمات والمؤثرات، لما تقدمانه من فوائد متعددة للجسم والعقل دون إجهاد أو ضغط مفرط على المفاصل.
لكن رغم التشابه الظاهري بينهما من حيث الحركات الهادئة والتركيز، إلا أن لكل تمرين فلسفته الخاصة وأهدافه المختلفة. فكيف تختارين الأنسب لكِ؟
هذا المقال، نقدم لك مقارنة واضحة تساعدك في اختيار التمرين المناسب وفقًا لاحتياجاتك وأسلوب حياتك.
تُعرف البيلاتس بأنها تمارين منخفضة التأثير، تستهدف تقوية عضلات الجذع (Core) وتحسين التوازن العضلي، وتُمارس إما على الأرض باستخدام بساط، أو من خلال آلة خاصة تُعرف باسم "Reformer".
تم تطوير هذا النوع من التمارين على يد الألماني جوزيف بيلاتس، الذي صممها بهدف إعادة تنشيط الجسم عبر حركات صغيرة بطيئة ودقيقة. وتُعد تمارين البيلاتس فعالة في تعزيز القوة العضلية من خلال استخدام وزن الجسم كمصدر للمقاومة.
وعن فوائده الصحية تقول الدكتورة ميليسا ليبر، مديرة قسم الطب الرياضي في قسم الطوارئ بنظام "ماونت سيناي" الصحي: للبيلاتس فوائد صحية عظيمة، فهي تُعد تمرينًا لتقوية العضلات بالاعتماد على وزن الجسم نفسه كمصدر للمقاومة. وهذا بدوره يساعد في الوقاية من الإصابات، بل ويساهم في إعادة تأهيل الإصابات المزمنة. وبما أنها تمارين منخفضة التأثير، فهي مفيدة جدًا للمفاصل.
ورغم إمكانية ممارسة البيلاتس بشكل فردي في المنزل، تؤكد ليبر على أهمية وجود مدرب مختص، لضمان تأدية الحركات بشكل صحيح. فالأداء السليم يؤدي إلى نتائج أفضل ويقلل احتمالية الإصابة.
كما أن تمارين البيلاتس قابلة للتعديل لتناسب الاحتياجات الجسدية المختلفة، لذا فإن من يعانون من آلام الظهر أو إصابات متعلقة بعضلات الجذع، ينبغي عليهم اتباع نهج معدل بمساعدة مدرب محترف.
وتختلف النتائج من شخص إلى آخر حسب الانتظام في الممارسة، إلا أن ليبر تشير إلى أن الوصول إلى قوة حقيقية في الجذع قد يتطلب الاستمرار لمدة تصل إلى عام كامل. فالمفتاح هنا هو الثبات والتدرج.
اليوغا، المشتقة من الكلمة السنسكريتية "يُوجا" والتي تعني "الاتحاد"، هي أكثر من مجرد تمرين بدني. إنها ممارسة شاملة تهدف إلى خلق تناغم بين الجسد والعقل والروح، وتعود جذورها إلى الهند حيث نشأت كوسيلة لاكتشاف الذات والارتقاء بالوعي.
بحسب خبيرة اليوغا سودها نير، تُعد اليوغا نهجًا متكاملًا يجمع بين الوضعيات الجسدية (الأسانا)، وتقنيات التنفس (براناياما)، وممارسة التأمل؛ ما ينعكس إيجابًا على الصحة النفسية والبدنية في آنٍ واحد.
تُظهر الأبحاث أن ممارسة اليوغا بانتظام تساهم في تخفيف التوتر، تحسين نوعية النوم، تعزيز التركيز، وتحقيق حالة من الصفاء الذهني. كما تؤكد نير أن بعض الوضعيات تساهم في تقليل الالتهابات، تنشيط الدورة الدموية، خفض ضغط الدم، وتقوية الجهاز المناعي.
ولا تقتصر الفوائد على الجانب النفسي فحسب، بل تمتد لتشمل مرونة الجسم، تقوية العضلات، زيادة التحمل، وتحسين التوازن.
وتقول نير: اليوغا تُبطئ وتيرة الحياة، وتمنحك لحظة صادقة مع ذاتك، بعيدًا عن صخب اليوميات السريعة.
على مرّ العصور، تطورت اليوغا لتشمل أنماطًا متعددة، منها ما يناسب المبتدئين، ومنها ما يتطلب لياقة عالية. ومن أبرز هذه الأنواع:
في المجمل، تعتبر اليوغا آمنة للجميع. لكن ينصح بممارستها تحت إشراف مختص، خاصة لمن يعانون من مشاكل صحية أو إصابات، أو كبار السن، أو النساء الحوامل، حيث قد تستدعي بعض التعديلات في الوضعيات.
ويعتمد مدى ظهور النتائج على عدة عوامل، منها انتظام الممارسة، والهدف المرجو، والحالة البدنية للمتدرب.
يكمن الفارق الجوهري في طريقة الأداء والتركيز. فتمارين البيلاتس أسرع وتُركز على القوة الجسدية والسيطرة على العضلات، بينما تميل اليوغا إلى البطء، وتركز على الحفاظ على الوضعيات لفترات أطول وتعزيز التواصل بين الجسد والعقل.
ويكمن فارق آخر في الاتصال بين العقل والجسم؛ فبينما تدمج اليوغا التأمل والروحانية لتعزيز الصحة النفسية، تركز البيلاتس أكثر على الأداء البدني والسيطرة العضلية.
ورغم أن كلا التمرينين يتطلبان مجهودًا وصبرًا، إلا أن الدكتورة ليبر ترى أن المبتدئين قد يجدون اليوغا أسهل كبداية؛ نظرًا لأن البيلاتس تعتمد بشكل كبير على قوة الجذع.
وإن كنتِ في بداية مشواركِ مع الرياضة، فقد تكون اليوغا خيارًا أكثر سلاسة، خاصة وأن البيلاتس تتطلب قدرًا من القوة الأساسية. في المقابل، توفر البيلاتس نتائج أسرع بفضل وتيرتها وحركاتها المتكررة.
ولكن أيًا كان الخيار، فإن الالتزام والممارسة المنتظمة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر هو العامل الحاسم لتحقيق الفوائد المرجوة من كلا التمرينين.
لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع. إذا كنتِ تبحثين عن تمرين يُحفّز جسدك ويقوي عضلاتكِ بعمق، فقد تجدين البيلاتس ملائمة لكِ. أما إن كنتِ بحاجة إلى تهدئة ذهنكِ واستعادة التوازن النفسي، فستحبين اليوغا.
وبغض النظر عن خيارك، تبقى الاستمرارية هي العامل الحاسم. تقول الدكتورة ليبر: اختاري التمرين الذي يشجعك على الالتزام، سواء من خلال مدرب مُلهم أو مجتمع داعم، فالمواظبة هي ما يحقق التغيير الحقيقي.