أصدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) تحذيرًا عاجلًا بشأن خطر تفشي وباء عالمي لفيروس الشيكونغونيا الذي يُنقل عبر لسعات البعوض، خصوصًا بعوضة الزاعجة المعروفة باسم"بعوضة النمر"، داعيةً إلى اتخاذ إجراءات وقائية فورية لتجنّب تكرار الكارثة التي حدثت قبل عقدين.
وقالت الدكتورة ديانا روجاس ألفاريز، ممثلة منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي بجنيف، إن المنظمة تلاحظ المؤشرات نفسها المبكرة التي سبقت تفشيًا كبيرًا للفيروس في الفترة ما بين عامي 2004-2005، حين أصيب مئات الآلاف حول العالم قائلة: نحن نرى التاريخ يعيد نفسه.
الشيكونغونيا هي مرض فيروسي ينتقل بشكل رئيسي إلى الإنسان عبر لسعة بعوضة مصابة، وتحديدًا بعوضة "الزاعجة المصرية" (Aedes aegypti) أو الزاعجة البيضاء (Aedes albopictus).
وينتشر هذا الفيروس حالياً في مناطق عديدة من العالم، بما في ذلك أفريقيا، آسيا، الأمريكيتين، أوروبا، وجزر المحيط الهندي والهادئ.
تُسبّب حمى الشيكونغونيا فيروس من عائلة ألفا فيروس (Alphavirus)، والتي تشمل فيروسات أخرى شبيهة مثل فيروس مايوارو وفيروس روس ريفر. عند إصابة الإنسان، تكون مستويات الفيروس في الدم (viremia) مرتفعة خلال الأيام الأولى من المرض؛ ما يمكنه من نقل العدوى إلى بعوضات أخرى.
تحدث العدوى عندما تلسع بعوضة مصابة إنسانًا سليمًا بعد أن تغذت على دم شخص مصاب. في حالات نادرة، يمكن أن ينتقل الفيروس أيضًا عبر:
ولا ينتقل الفيروس من شخص إلى آخر عبر العطس أو السعال أو اللمس.
أشارت منظمة الصحة إلى أن بعوضة النمر (Aedes albopictus) تنتشر شمالًا بفعل الاحتباس الحراري وتغير المناخ؛ ما يزيد من احتمالية توسع الفيروس إلى مناطق جديدة.
تنشط هذه البعوضة خلال النهار، خصوصاً في الصباح الباكر وما بعد الظهيرة، وتتزايد أعدادها في المياه الراكدة؛ ما يستدعي الحذر في تخزين المياه في المنازل والحدائق.
تعد أعراض حمى الشيكونغونيا من العلامات الأساسية التي تساعد في التعرف على الإصابة بهذا الفيروس، إذ تظهر بشكل مفاجئ وتؤثر على مختلف أجزاء الجسم.
تشمل أعراض المرض:
ورغم أن نسبة الوفيات أقل من 1%، إلا أن العدد الإجمالي للوفيات قد يرتفع إذا أصيب ملايين الأشخاص.
لا يوجد علاج محدد لفيروس الشيكونغونيا حتى الآن، لكن منظمة الصحة العالمية تحث الجميع على اتخاذ التدابير الوقائية التالية:
تشير البيانات الحديثة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى مؤشرات مقلقة بشأن انتشار فيروس الشيكونغونيا، حيث يعيش نحو 5.6 مليار شخص في مناطق معرضة لخطر الإصابة ضمن 119 دولة حول العالم.
بدأت الموجة الجديدة للفيروس مطلع عام 2025، مع تفشيات كبرى في جزر المحيط الهندي مثل ريونيون، مايوت، وموريشيوس، حيث تُقدّر الإصابات في جزيرة ريونيون وحدها بما يقارب ثلث السكان.
ولم يتوقف الانتشار عند هذه المناطق؛ إذ سجّلت مدغشقر، الصومال، كينيا، ودول في جنوب شرق آسيا مثل الهند، حالات متعددة تشير إلى نمط وبائي.
أما في أوروبا، فقد أُبلغ عن 800 حالة مستوردة في فرنسا منذ مايو 2025، إضافة إلى 12 حالة انتقال محلي في مناطق جنوبية فرنسية؛ ما يعني إصابة أشخاص عبر لسعات بعوض محلي دون مغادرة البلاد. كما تم توثيق حالة محلية مؤكدة في إيطاليا؛ ما يزيد من مخاوف انتقال الفيروس على نطاق أوسع داخل القارة.
في ظل التغيرات المناخية وانتشار البعوض الحامل للفيروس، تبقى الوقاية الفردية والرصد المبكر من أهم أسلحتنا لتجنّب وباء عالمي جديد.