يُعد الكبد أحد أعضاء الجسم الأساسية الذي لا يمكن العيش من دونه، كونه يؤدي العديد من الوظائف المهمة، بما في ذلك تصفية السموم من الدم وتنظيم مستوى الكوليسترول في الدم، إلى أن يصاب بالتضخّم، فيختل هذا التوازن.
وعند تضخّم الكبد، يزداد حجمه عن المعدّل الطبيعي، مما يشير غالبًا إلى وجود مشكلة صحية كامنة، مثل أمراض الكبد، أو اضطرابات الدم، أو أمراض القلب، وأحيانًا يكون علامة على وجود ورم أو سرطان. لذلك، فإن تضخّم الكبد ليس مرضًا بحد ذاته، بل عرض يستدعي الانتباه.
مهما كان السبب، فإن مراجعة الطبيب المختص أمر ضروري، إذ تعتمد خطورة الحالة وخيارات العلاج على التشخيص الدقيق للمشكلة المسببة للتضخّم.
يُعد تضخم الكبد أو "تورم الكبد" من الحالات التي تشير إلى وجود مشكلة صحية في الكبد، حيث يزيد حجمه عن المعدّل الطبيعي. وفي بعض الحالات، يصاحب تضخّم الكبد تضخّم في الطحال أيضًا، وتُعرف هذه الحالة طبيًا باسم "تضخم الكبد والطحال".
غالبًا ما يُكتشف تضخم الكبد أثناء الفحص الطبي، إذ تصل الحافة السفلية للكبد إلى أسفل الأضلاع اليمنى، وتصبح واضحة عند أخذ نفس عميق. في الحالة الطبيعية، يكون الكبد ناعمًا وغير محسوس بسهولة تحت الأضلاع.
عدّد موقع Mount Sinai الطبي أبرز الأسباب التي قد تؤدي إلى تضخم الكبد، ومن أبرزها:
التدهن الكبدي: تراكم الدهون في الكبد نتيجة مشاكل أيضية مثل داء السكري والسمنة وارتفاع الدهون الثلاثية، ويُسمى أيضًا التهاب الكبد الدهني غير الكحولي أو NASH).
الإفراط في شرب الكحول: يؤدي إلى تلف الكبد بمرور الوقت.
انتقال السرطان إلى الكبد (النقائل): حيث يُصاب الكبد بسبب انتشار أورام من أعضاء أخرى.
قصور القلب الاحتقاني: يحدث عندما يضخ القلب الدم بكفاءة أقل من المعتاد، وتتأثر وظيفة الكلى، مما يؤدي إلى احتباس الماء في الجسم.
مرض اختزان الجليكوجين: هي اضطرابات في استقلاب الكربوهيدرات تحدث عندما يكون هناك عيب في الإنزيمات التي تمارس دورًا في استقلاب الغليكوجين، وتؤدي إلى كبر حجم الكبد.
التهاب الكبد أ: إصابة شديدة العدوى تحدث في الكبد.
التهاب الكبد ب: عدوى فيروسية تصيب الكبد ويمكن أن تسبب أمراضاً حادة ومزمنة.
التهاب الكبد ج: التهاب يسببه فيروس يهاجم الكبد ويؤدي إلى التهاب.
سرطان الخلايا الكبدية: هو النوع الأكثر شيوعًا من سرطان الكبد ويحدث عادةً عند الأشخاص المصابين بعدوى التهاب الكبد B والتهاب الكبد C.
عدم تحمل الفركتوز الوراثي: اضطراب في استقلاب الكربوهيدرات ينجُم عن عوز في إنزيم يحتاج الجسم إليه لاستقلاب الفركتوز، وتُسبب الكميات القليلة جدًا من الفَرَكتوز انخفاضًا في مستويات سكر الدم، وضَرَرا في الكلى والكبد.
داء كثرة الوحيدات المعدية: مرض معدٍّ يسمى أيضًا "مونو"، وغالبًا يُسببه فيروس إبستين بار، إلا أن هناك فيروساتٍ أخرى قد تكون مسؤولةً عن الإصابة بكثرة الوحيدات.
سرطان الدم: نوع من سرطان خلايا الدم والأنسجة تنتج خلايا الدم مثل نخاع العظم، ويعرف هذا المرض أيضا باسم "اللوكيميا".
داء نيمان-بيك: هو مجموعة من الأمراض الوراثية أو العائلية النادرة، التي تؤثر في قدرة الجسم على استقلاب الكوليسترول والليبيدات داخل الخلايا، ليسبب تراكم تلك المواد داخل الخلايا، وبالتالي يتسبب باضطراب وظيفة هذه الخلايا وموتها مع مرور الوقت.
التهاب الأقنية الصفراوية الأولي: أحد أمراض المناعة الذاتية، إذ يدفع الجهاز المناعي للجسم إلى مهاجمة الخلايا والأنسجة السليمة عن طريق الخطأ.
متلازمة راي: حالة مرضية خطِرة تسبب التورم في الكبد والدماغ، وتحدث في أي سن لكنها عادةً ما تصيب الأطفال والمراهقين بعد الإصابة بعدوى.
داء الساركويد: حالة مرضية تتشكل فيها مجموعات صغيرة من الخلايا الالتهابية (أورام حبيبية) في واحد أو أكثر من أعضاء الجسم، لكنها لا تعد سرطانية.
التهاب الأقنية الصفراوية المصلب: مرض مزمن في القناة الصفراوية يؤثر على القناة الصفراوية داخل الكبد وخارج الكبد، ويُعتقد أنه ينجم عن الجهاز المناعي للجسم.
خثار الوريد البابي: انسداد أو تضيُّق في الوريد البابي، وهو الوعاء الدَّموي الذي ينقل الدَّم من الأمعاء إلى الكبد، ويحدث نتيجة جلطة دمويَّة.
في معظم الحالات، لا يُلاحظ تضخم الكبد بسهولة، إلا إذا تطورت الحالة وأصبحت شديدة، فقد يشعر المريض بانتفاخ أو امتلاء غير معتاد في البطن، أو ألم في الجزء العلوي الأيمن، وهو الموضع الذي يقع فيه الكبد.
وتتضمن قائمة أعراض تضخم الكبد ما يلي:
بحسب موقع Cleveland Clinic، يُعد تضخم الكبد علامة صحية لا يمكن تجاهلها، إذ تتفاوت خطورته بحسب السبب الكامن وراءه، وقد تكون الحالة طارئة تستدعي التدخل السريع، أو مؤشراً تحذيرياً لمشكلة مزمنة تتطلب المتابعة.
ويؤكد الموقع أنه لا يمكن تحديد مدى الخطورة بدقة إلا بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، إذ قد يكون تضخم الكبد ناتجاً عن حالة مؤقتة تزول مع العلاج، كما قد يكون مؤشراً على مرض طويل الأمد يسبب تلفاً تدريجياً في الكبد مع مرور الوقت.
تعتمد فرص الشفاء من تضخم الكبد بشكل كبير على السبب الأساسي وراء الإصابة. ففي العديد من الحالات، يمكن لتغيير نمط الحياة مثل تحسين النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، والتوقف عن تناول الكحول، إلى جانب بعض الأدوية والعلاجات الموجهة، أن يقلل من حجم الكبد المتضخم ويُحسن من وظائفه.
لكن في الحالات المتقدمة مثل تليف الكبد، يصبح العلاج منصبًّا على تخفيف الأعراض والحد من المضاعفات بدلاً من تحقيق الشفاء التام. والجدير بالذكر أنه لا يوجد دواء خاص لتضخم الكبد بحد ذاته، بل تُستخدم أدوية لعلاج الأمراض التي تؤدي إلى حدوثه.
يمكن أن يبدأ الشفاء من تضخم الكبد في وقت مبكر، من بضعة أيام إلى أسابيع، خصوصا عند التوقف عن شرب الكحول، لكن في حالات مثل مرض الكبد الدهني، قد يستغرق التعافي بضعة أشهر مع تغييرات نمط الحياة المناسبة.
أما في الحالات الأكثر شدة، مثل تليف الكبد أو السرطان، فقد يتطلب الأمر علاجًا وإدارة أطول. بشكل عام، يعتمد وقت الشفاء من تضخم الكبد على السبب الكامن وكيفية بدء العلاج المبكر.
قد لا تكون على دراية بتضخم الكبد أو الطحال المصاحب له، خاصة في المراحل المبكرة التي قد تمر دون أعراض واضحة. ومع ذلك، فإن ظهور أي من العلامات السابقة يستدعي زيارة عاجلة للطبيب المختص، فهو الوحيد القادر على تشخيص الحالة بدقة من خلال الفحص السريري، والتحاليل، والتصوير بالأشعة.
كما يُنصح بطلب الرعاية الطبية الفورية إذا ظهرت عليك أعراض غير معتادة أو شديدة، مثل:
لتشخيص المشكلة، يطلب الطبيب المختص إجراء العديد من الفحوصات والتحاليل لتحديد سبب تضخم الكبد، وتشمل القائمة:
أما في حالات الإصابة بأمراض كبدية مزمنة، فبالرغم من صعوبة الشفاء التام، إلا أن الالتزام بتغييرات صحية في نمط الحياة قد يساعد في وقف تطور المرض بل وعكس مساره في بعض الأحيان.
إذا كان نتيجة مرض كبدي مزمن (طويل الأمد)، فمن الممكن عكس مساره، وفي بعض الحالات، الشفاء منه بتغييرات في نمط الحياة. على سبيل المثال: إذا كنت تعاني من اضطراب تعاطي الكحول، فاطلب المساعدة للإقلاع عنه.
أما إذا كنت تعاني من مرض الكبد الدهني غير المرتبط بالكحول، فاسأل طبيبك عن كيفية الحفاظ على وزن صحي، مع اتخاذ خطوات للتحكم في ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، وارتفاع سكر الدم، وتناول أطعمة مغذية وممارسة بعض التمارين الرياضية يوميًا.
وفقًا لموقع MedlinePlus، يعتمد النظام الغذائي لمرضى تضخم الكبد أو الأمراض الكبدية بشكل عام على بعض المبادئ الأساسية التي تسهم في تحسين وظائف الكبد والتقليل من العبء عليه، وتشمل:
إذا كنت تعاني من تضخم الكبد، فمن المهم تجنب الأطعمة الدهنية والمقلية والمصنعة. كما يجب الحد من تناول الكحول والمشروبات السكرية والأطعمة الغنية بالدهون المشبعة لمنع تفاقم تلف الكبد.
وفقًا لموقع Heritage Hospitals، هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتباعها لتقليل خطر الإصابة بتضخم الكبد أو أمراض الكبد بشكل عام، وتشمل:
يُعد الإفراط في تناول الكحول سببًا رئيسيًا للمشكلة، ويؤدي تقليل الكحول أو التوقف عنه تمامًا إلى الوقاية من أمراض الكبد المرتبطة بالكحول، مثل مرض الكبد الدهني وتليف الكبد.
الحفاظ على وزن صحي
تُعدّ السمنة وسوء التغذية من الأسباب الشائعة لمرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD). يمكن أن يساعدك اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضراوات والبروتينات قليلة الدهون وممارسة الرياضة بانتظام في الحفاظ على وزن صحي ودعم صحة الكبد.
تجنب السلوكيات الخطرة
قد تُعرّضك بعض السلوكيات، مثل مشاركة الإبر لفيروسات مثل التهاب الكبد B وC، مما قد يؤدي إلى تضخم الكبد.
الفحوصات الدورية
إذا كان لديك تاريخ من أمراض الكبد أو عوامل خطر مثل تعاطي الكحول أو السمنة، فمن المهم إجراء فحوصات دورية مع طبيبك. الكشف المبكر عن مشاكل الكبد من خلال فحوصات الدم والتصوير الدورية يساعد في الوقاية من المضاعفات الخطيرة.