علق الأخصائي في علم النفس، خليل حبشي، على قبلة معجبة للفنان راغب علامة بحفل الساحل الشمالي في مصر، إذ تحدث عن تطور العلاقة بين الفنان وجمهوره التي باتت تتخطى حدود الإعجاب العابر، لتلامس أحيانًا مشاعر تشبه العشق أو التعلّق المرضي.
كما تطرق إلى الخلفيات العاطفية لهذا الارتباط، محذرًا من مخاطره في حال تجاوز الحدود الطبيعية.
خلال حديث لموقع "فوشيا"، رأى خليل حبشي، أن العلاقة النفسية التي تنشأ بين المعجب والفنان تشبه إلى حدّ كبير مشاعر الحب أو العشق، إذ تتفاعل مناطق معيّنة في الدماغ بنفس الطريقة التي تنشط في حالات الحب الحقيقية.
وأضاف: عند رؤية الفنان أو حتى توقع التفاعل معه، يبدأ دماغ المعجب بإفراز هرمون الدوبامين، وهو المسؤول عن الشعور بالسعادة. هذا التفاعل الكيميائي يُولّد حالة من النشوة المؤقتة، تجعل من الفنان أحيانًا وسيلة لتعويض فراغ داخلي أو نقص في الشعور بالإنجاز والنجاح في الواقع.
أوضح حبشي، أن بعض الأفراد قد يُسقطون حاجتهم العاطفية على شخصية عامة حين يشعرون بالفراغ العاطفي أو غياب مصدر الفرح الحقيقي في حياتهم.
وأضاف: حين يفقد الشخص اتصاله بمصادر السعادة، أو يعجز عن تحقيق ذاته، يلجأ لا شعوريًا إلى البحث عن بديل قد يمنحه هذا الإحساس. في هذه الحالة، قد يتعلق نفسيًا بشخصية مشهورة، ظنًا منه أن هذا التعلق قادر على إعادته إلى حالة من التوازن العاطفي، وهنا تكمن الخطورة.
اعتبر الأخصائي في علم النفس أن الأغاني التي يقدّمها الفنانون تشكّل قناة عاطفية قوية قد تصل مباشرة إلى وجدان الجمهور، وهو ما يفسّر تزايد مشاعر التعلّق بهم.
ولفت إلى أن الفنانين غالبًا ما يختارون كلمات تعبّر عن مشاعر الحنين، أو الخيبة، أو الحب، أو الفقد، وهي مشاعر يعيشها معظم الأشخاص، فيجد المستمع فيها ترجمة صادقة لحالته الشخصية، ما يُعزز شعوره بأن الفنان يتفهم ظروفه ويمر في الحالة نفسها، ويعمّق بالتالي هذا التماهي العاطفي معه.
في سياق متصل، تطرّق حبشي إلى الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز هذه الحالة من التعلّق المفرط، مشيرًا إلى أن المحتوى المعروض لا يعكس الواقع دائمًا.
وقال: ما يُنشر عبر السوشيال ميديا لا يُظهر إلا النسخة المثالية من الفنان: الأناقة، والنجاح، والسعادة، والابتسامة الدائمة. هذا المشهد المصقول بعناية يدفع المتابع إلى إسقاط صفات خارقة على الفنان، فيراه قدوة أو بطلًا يفتقر إليه في محيطه، ما يُسهم في تضخيم مشاعر الإعجاب والارتباط المرضي.
تعليقًا على الجدل الذي أثاره فيديو للفنان راغب علامة وهو يُقبّل إحدى المعجبات خلال حفله في الساحل الشمالي بمصر، أوضح حبشي أن الحادثة عكست صدامًا بين ثقافتين مختلفتين.
وتابع: ما قد يكون طبيعيًا في السياق اللبناني، قد يُعدّ تعديًا على القيم في المجتمع المصري الأكثر تحفظًا. على الفنان أن يكون واعيًا للبيئة التي يظهر فيها، وأن يحترم خصوصيتها الثقافية. فالفعل لم يُقرأ فقط كمشهد فردي، بل كرمز يتعارض مع الذوق العام في ذلك السياق.
وشدّد على ضرورة مراعاة الفنانين لاختلاف المجتمعات، والحرص على إبقاء مسافة مدروسة في تفاعلهم مع الجمهور، لا سيما في اللقاءات المباشرة.
في ختام حديثه، وجّه الأخصائي في علم النفس خليل حبشي رسالة إلى الفنانين، داعيًا إياهم إلى تحقيق توازن دقيق في علاقتهم بجمهورهم، معتبرًا أنه من الطبيعي أن يسعى الفنان للبقاء قريبًا من الناس.
وعلق: القرب لا يعني إلغاء المسافة. يجب الحفاظ على مساحة آمنة في التفاعل، خصوصًا خلال اللقاءات والتقاط الصور، وذلك لحماية الفنان والمعجب على حد سواء.
وختم: في بعض الحالات، وخصوصًا عند التفاعل مع المعجبات، قد تدفع العاطفة بعضهن إلى تصرفات مبالغ فيها. من هنا، تأتي مسؤولية الفنان في وضع حدود تحمي العلاقة وتحول دون إساءة الفهم أو الوقوع في مواقف محرجة.